إنزو باتشي: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي ونعيش مرحلة تاريخية من الاضطراب العالمي
يرى الأكاديمي والمؤلف الإيطالي إنزو باتشي، وهو عالم اجتماع بارز متخصص في علم الاجتماع الديني والدراسات الإسلامية، أن الحركات الطلابية أثارت موضوعًا تم التعامل معه بحذر حتى الآن في أوروبا والولايات المتحدة، وهو أن انتقاد سياسات الحكومات الإسرائيلية لا يعني بالضرورة معاداة السامية.
يشير باتشي إلى أن جميع الصراعات الكبرى الدموية في العالم، مثل الحرب الأهلية في السودان وتصاعد العنف في منطقة الساحل، تتميز بمواجهة بين القوى الإمبريالية الجديدة الكبرى والقوى الإقليمية النشطة والمتنافسة في سيناريوهات الصراع المعاصر.
يؤكد باتشي أن الحوار “على قدم المساواة” بين عربي وغربي ليس صعبًا إذا تحررنا من الصور النمطية التي شكلها التاريخ. يترأس باتشي قسم علم الاجتماع في جامعة بادوفا، وهو رئيس الجمعية العالمية لعلم الاجتماع الديني. من أعماله المنشورة: “علم الاجتماع الديني.. الإشكالات والسياقات”، و”الإسلام في أوروبا”، و”سيسيولوجيا الإسلام”، و”لماذا تخوض الأديان الحروب؟”.
وقعت عدة احتجاجات في الجامعات الأوروبية، بما في ذلك الإيطالية، دعماً للقضية الفلسطينية وضد السياسات الإسرائيلية، لكنها لم تؤثر على سياسات الدول الغربية. يعود ذلك إلى السياسة الواقعية للحكومات الغربية التي تعتبر إسرائيل حليفاً تاريخياً، رغم انتقادها لتجاوزات إسرائيل في رد فعلها على هجوم 7 أكتوبر 2023.
يشير باتشي إلى أن الحركات الطلابية طرحت بقوة فكرة أن انتقاد سياسات الحكومات الإسرائيلية لا يعني معاداة السامية، وهذا يعتبر نتيجة مهمة بالنظر إلى حجم الاحتجاجات التي وقعت في الجامعات.
أما عن الولايات المتحدة، فيرى باتشي أنها لا يمكن أن تكون وسيطًا محايدًا في الصراع في غزة لأسباب تاريخية وسياسية واقتصادية، لكن هناك مصلحة في أن تلعب دورًا حاسمًا في منع تصعيد الصراع.
بشأن تأثير قرارات الأمم المتحدة غير المنفذة المتعلقة بفلسطين، يعتقد باتشي أن النظام الدولي يعاني من ضعف متزايد، كما يتضح من الأزمات المختلفة، مثل أزمة البلقان.
حول القول بأن الحرب على غزة تشير إلى انهيار النظام العالمي الجديد، يوافق باتشي على أن العالم في حالة انهيار، حيث تتميز الصراعات الكبرى بمواجهات بين القوى الإمبريالية الجديدة والقوى الإقليمية.
يعتقد باتشي أن السياسات الإسرائيلية أدت إلى تنامي الحركات القومية الجديدة في أوروبا بسبب مسألة الهجرة والتغيرات الاجتماعية والديمغرافية، مما أثار قلق الرأي العام حول الهوية الوطنية.
يعتبر باتشي أن الشعور بالتضامن مع الشعب الفلسطيني يطغى على الإسلاموفوبيا في أوروبا.
يرى باتشي أن الخطاب الديني يستخدمه الحكام والسياسيون لجذب الرأي العام، وهو نتيجة لفقدان الثقة في الأيديولوجيات السياسية التقليدية.
فيما يتعلق بتكريس الثقافة النسوية والليبرالية في العالم العربي، يعتبر باتشي ذلك علامة على الأزمنة المتغيرة ويؤكد على أهمية التعليم وتحقيق الذاتية الأنثوية في تطوير المجتمعات دون الإضرار بتماسكها.
حول تراجع التيارات الإسلامية، يرى باتشي أن الأيديولوجيات الرئيسية انهارت بسبب خيبة الأمل من وعود التحرر والعدالة، مما جعل الإسلام البديل السياسي الوحيد في مواجهة الأنظمة القمعية.
يشدد باتشي على أهمية الحوار المتساوي بين العرب والغربيين لتحقيق التفاهم والتعاون.
يشير إلى أن نفوذ الصين والهند يتزايد في العالم، وأن تراجع الغرب يعود إلى تخلي حكوماته ومفكريه عن القيم الإنسانية العالمية مثل الحرية والعدالة والمساواة.