استراتيجية المقاومة: تكتيكات القسام في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي
استخدمت الفصائل المقاومة الفلسطينية، بما فيها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تكتيكات وأساليب قتالية مبتكرة خلال المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على قطاع غزة.
أثناء هذا العدوان، انتشر مصطلح “العقدة القتالية” بشكل واسع، حيث استخدمه الناطق باسم القسام أبو عبيدة بشكل متكرر في خطاباته. وأكد في تلك الخطابات وجود مئات المجاهدين المتمركزين في تلك العقدة القتالية، مستعدين بشغف للقيام بواجباتهم الجهادية.
خلايا لا مركزية
تعرَّفت العقدة القتالية بوصفها تشكيلات صغيرة غير مركزية من المقاومين، حيث يتراوح عدد أفرادها في العمليات القتالية الفردية بين 3 و 5 أشخاص، ويمكن أن يتجاوز هذا العدد 10 مقاتلين في المهام العسكرية المعقدة.
يُعرَّف العمل العسكري المنفرد بأنه الذي يُنفذ فيه مهمة قتالية واحدة، مثل استهداف آليات الاحتلال أو تنفيذ عمليات القنص، بينما يُعرَّف العمل العسكري المركَّب بأنه الذي يُنفذ فيه أكثر من مهمة، ويتطلب وجود عدد أكبر من المقاتلين.
أشارت التقارير إلى تطوير كتائب القسام لقدراتها القتالية، حيث أصبحت تشتبك في مواجهات فوق الأرض وتحتها، بعد تدريب مقاتليها على التكيف مع ظروف القتال غير التقليدية، مثل نقص الأكسجين وتراجع مصادر الضوء الطبيعي، للتغلب على مخاطر التعامل مع هذه الظروف، بما في ذلك استخدام إسرائيل للغاز السام داخل أحد الأنفاق.
على الرغم من جهود قيادة الاحتلال في إرسال فرقها العسكرية وقوات النخبة، مثل ألوية غولاني وغفعاتي وناحال، إلا أنها فشلت في مواجهة هذا النوع من الخلايا القتالية، التي استمرت في التصدي والاشتباك على الرغم من مرور خمسة أشهر على العدوان.
تخطيط مسبق
تتم تشكيل العقدة القتالية عبر تقديرات مسبقة من قيادة المقاومة لخطط الهجمات الإسرائيلية في مناطق غزة، مع مراعاة طبيعة القتال في تلك المناطق. يتم منح المقاتلين داخل العقدة الحرية في تقدير نشاطهم العسكري، بما يتناسب مع سيناريوهات الهجوم والتحديات المتوقعة، من دون الحاجة للتواصل المباشر مع القيادة، وذلك وفقًا للخطط المسبقة والمتاحة للمقاومة.
تتم تجهيز العقدة القتالية وإعداد خطط عملياتها وكمائنها بناءً على تحليلات متقدمة للتهديدات والمخاطر على جميع المحاور القتالية، من خلال عمليات الاستطلاع والمراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية حول خطط العدو وتموضع قواته.
يتيح هذا النهج للمقاومين الاستقلالية في المواجهة، وتنفيذ الكمائن بمهارة في المناطق التي يعتقد العدو بأنها تحت سيطرته، وفي الوقت نفسه يمكن للمقاتلين التنقل نحو الأماكن الآمنة والانسحاب بعد تنفيذ المهمة.
تطوّرت المقاومة أساليبها في تشكيل العقدة القتالية، مما أدى إلى تنفيذ عمليات نوعية خلف خطوط الاحتلال، كما حدث في منطقة جحر الديك، حيث نجحت في استدراج القوات الإسرائيلية إلى مداخل الأنفاق وتفجيرها.
الفكرة الأساسية للعقدة القتالية تعتمد على تشكيل خط دفاع فعّال يستهدف نقاط ضعف العدو وتحييد قدراته، وذلك باستخدام أقل الإمكانيات المتاحة لدى المقاومة. تختلف تكوينات العقدة حسب المهمة الموكلة إليها، وتتراوح بين 2 أو 3 مقاتلين في حالات القنص، وتصل إلى 3 إلى 5 أفراد في المهام مثل المدفعية واستهداف المدرعات وحشود العدو.
في المهام المركبة، يشارك مقاتلون من النخبة في العقدة، لتنفيذ العمليات المتعددة مثل القنص والاقتحام واستهداف الإمدادات. تتيح هذه الطريقة للمقاومة الاستمرار في التصدي للعدو وتحقيق الأهداف المحددة، حتى في ظل غياب التواصل المباشر مع القيادة.
الإمداد والتسليح
تتولى وحدات الإمداد اللوجستي مهمة توفير السلاح الضروري للمهمات القتالية في كل عقدة، مع الاهتمام بتوفير السلاح الشخصي لكل فرد في العقدة، بالإضافة إلى تجهيز العقدة بكاميرا لتوثيق العملية.
تُفضِّل العقدات القتالية عدم الاحتفاظ بكميات كبيرة من الأسلحة، نظرًا لوضوح مهمتها وحفاظًا على الذخيرة لمواجهة الاستهداف الجوي أو المدفعي من جيش الاحتلال. يتم هذا أيضًا لتمكين المقاتلين من التحرك والانسحاب بسرعة.
بعد إتمام كل عملية، يتمكن المقاتلون من الانتظار في عقدهم استعدادًا لعملية جديدة، فيما تعمل الذراع اللوجستية للمقاومة على إعادة تجهيزهم بالمعدات والمؤن اللازمة.
تصوير العمليات
أثبتت المقاطع المصورة التي ينشرها فصائل المقاومة أهمية وجود المصور والكاميرا في إطار العقد القتالية. يلعب توثيق العمليات دورًا حيويًا في رفع الروح المعنوية للمقاومين ولجمهور المقاومة، بينما ينتج عنه تأثيرات سلبية على جيش الاحتلال وجمهوره.
يُساهم توثيق عمليات المقاومة في التصدي لادعاءات الاحتلال بشأن طبيعة المعارك، وفي مواجهة سياسة التعتيم التي ينتهجها الاحتلال للتقليل من خسائره.
كتائب القسام وفصائل المقاومة في غزة استمروا في توثيق عملياتهم ضد قوات وآليات جيش الاحتلال في مختلف المحاور القتالية منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. تمثل هذه المقاطع التفاصيل الحقيقية للعمليات التي نُفذت ضد قوات الاحتلال، مما يعزز الشهادة الدولية حول الأحداث ويكشف الحقيقة وراء التصريحات الإعلامية المعادية.
تعليق واحد