التكنولوجيا الحديثة ترتقي بقدرات عالمنا الذكي
عام 2024 يمثل محطة مهمة في رحلة تطور عالمنا الرقمي وتعزيز قدرات الاتصال بين الأجهزة والبشر. يتوقع أن يُستغل العام القادم الفوائد الكامنة في الأجيال الجديدة من التقنيات الثورية مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والاتصالات لتعزيز عملية الرقمنة عبر مختلف القطاعات والصناعات، مما يعزز مكانة المنطقة كمركز حيوي للابتكار والريادة التكنولوجية.
في هذا السياق، سيشهد عام 2024 اعتماد شبكات الجيل الخامس والنصف، المعروفة بـ 5.5G، وهي التطور اللاحق لتقنية الجيل الخامس 5G التي أثبتت جدارتها في تحسين قطاع الاتصالات. من المتوقع أن توفر هذه التقنية فرصًا جديدة لتوسيع حدود الابتكار التقني وتعزيز تجارب الاتصال بشكل لم يسبق له مثيل، مع تزايد توقعات انتشار الأجهزة المتصلة في جميع أنحاء العالم في السنوات القادمة.
يُنظر إلى الجيل الخامس والنصف على أنه أساس البنية التحتية الرقمية المستقبلية، حيث يُتوقع أن ترتقي هذه التقنية بقدرات الشبكة بشكل كبير، مع دعم سرعات اتصال تصل إلى 10 غيغابت في الثانية وقدرة على دعم 100 مليار نقطة اتصال في وقت واحد. يُتوقع أن تقدم هذه القدرات تحسينات كبيرة في مختلف الخدمات الرقمية، وتعزيز فرص الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الواقع المعزز.
من المتوقع أن تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي، التي كانت من بين الأوائل في اعتماد شبكات الجيل الخامس، من فوائد وقدرات هذه التقنية الاستثنائية. ومن بين الفوائد المتوقعة، تعزيز حالات الاستخدام في قطاعات متعددة مثل النقل الذكي والقطاع الصحي والمالي، بالإضافة إلى تقليل المخاطر الأمنية وتحسين كفاءة الأداء.
تُعتبر الشبكات الخلوية من الجيل الخامس والنصف أحد أهم عوامل تمكين التحول الرقمي في المنطقة، حيث تسهم في تعزيز فعالية العمليات وتحسين تجارب العملاء ورفع مستوى التنافسية. بالإضافة إلى دعمها لمبادرات المدن الذكية ودعم الصناعات التحويلية وتعزيز التعاون الدولي والمحلي.
بهذه الطريقة، يُتوقع أن تُسهم شبكات الجيل الخامس والنصف في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والتحول الرقمي في دول المنطقة، مما يخلق بيئة مواتية للابتكار والاستثمار وتحقيق النمو المستدام.
يقود الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية العصر الجديد للتكنولوجيا والابتكار، وفقًا لتقرير صادر عن “بي دبليو سي”. من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ يصل إلى 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، مع توقع أن تستحوذ منطقة الشرق الأوسط على نحو 2% من هذه القيمة، ما يعادل 320 مليار دولار.
يعزى هذا الإنجاز بشكل كبير إلى جهود حكومات المنطقة في تعزيز اعتماد تقنيات الاتصالات الحديثة مثل الجيل الخامس، التي تدمج الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، إلى جانب التقنيات المتقدمة الأخرى.
يتنبأ التقرير بعصر تحولي جديد نتيجة للتقارب بين تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، حيث يُشكل هذا التقاطع قوةً مدمجة تتكيف مع احتياجات المستخدمين وتُسهم في تحسين تجاربهم وتحقيق تحول جذري في مختلف القطاعات.
تُوفر المنصات السحابية البنية التحتية الضرورية لتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي وضمان تحقيق الأداء الأمثل بكفاءة تكلفة منخفضة.
لتحقيق النجاح في نشر فوائد الحوسبة السحابية، يتعين بناء نظام إيكولوجي مفتوح يعتمد على الشراكات المحلية والعالمية، بالتعاون مع المنظمات والهيئات المعنية بالتحول الرقمي والذكي. يتضمن ذلك دعم السحابة وتوفير نماذج سحابية مخصصة لتلبية الاحتياجات المحلية، مثل نماذج “بانجو” التي أطلقتها هواوي، والتي تهدف إلى توفير بنية تحتية سحابية مجهزة لتبني الذكاء الاصطناعي وتصميمها لدعم كافة القطاعات بقدرات ذكية أفضل.
على الرغم من الإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، فإن تحقيق الأهداف الطموحة يتطلب ابتكارًا تقنيًا منهجيًا، بالإضافة إلى إعداد جيل جديد من الكوادر التقنية لقيادة التكنولوجيا ومستقبلها.
يتوجب توفير التعليم التقني المواكب للتطورات التكنولوجية الحديثة، من خلال بناء شراكات استراتيجية بين الحكومات والمؤسسات والأوساط الأكاديمية، وذلك لسد الفجوة بين التعليم وقطاع تقنية المعلومات والاتصالات.
علاوةً على ذلك، يتعين التركيز على تحقيق التوازن بين الجنسين في مجالات التقنية، والتأكيد على المساواة والتنوع في القوى العاملة التقنية.
بهذه الطريقة، يمكن تحقيق بيئة مواتية للمواهب التقنية في المنطقة، وتعزيز التحول الرقمي بما يخدم مصالح الجميع ويساهم في تحقيق الرؤى والخطط الوطنية للتنمية.