المؤرخ منير العكش يكشف: تفسير إسرائيلي لأميركا وتحذير من مصير يهددنا
بعد رحلة فكرية طويلة تتبع فيها الإبادة العرقية والجنسية والجماعية في أميركا، يعود المؤرخ منير العكش بثلاثية جديدة بعنوان “كيف يصبح الدين شرّا: نظرة موحدة للعنف في تاريخ الأديان الثلاثة”. يناقش الأكاديمي والمؤرخ، أستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك بوسطن، في ثلاثيته الجديدة طبقات تاريخ الشعوب والمجتمعات والعنف المنسوب إليها، مقدمًا تحليلا جريئا للدور الذي لعبته الأديان في تشكيل مسارات الصراع عبر التاريخ.
وتعود بداية هذه الثلاثية إلى بيروت، حيث كان العكش عضوًا في هيئة تحرير مجلة “مواقف”، وكان اهتمامه الأساسي أدبيًا. ومع الوقت، تحول اهتمامه إلى كتابة كتاب عن الشعر والنبوة، لكنه خيب أمله عندما لم يجد أية علاقة بين الأسفار الخمسة القديمة والدين أو التاريخ. عند وصوله إلى فرنسا بعد الحرب الأهلية في لبنان، قرر مراجعة النبوات الموجودة في العهد القديم، ولكنه واجه خيبة أمل كبيرة عندما وجد أن الأسفار الخمسة لا تتحدث عن التوحيد بل تشير إلى “مجلس آلهة”، دون وجود تاريخ فيها.
أيديولوجيا الإبادة
أُطلق عليها “هلوسة أيديولوجية وبرنامج سياسي”! هذا ما وصلت إليه بعد رحلتي الفكرية الطويلة، حيث انغمست في دراسة الإبادة العرقية والجنسية والجماعية في تاريخ أميركا. وخلال هذه الرحلة، أدركت تمامًا أن تركيبة هذا “العالم غير الشعري”، كما وصفته، تشبه حاضنة للوحوش، فقمت بكتابة مقالة بعنوان “منطق العنصرية”، نُشرت في “شؤون فلسطينية”، بينما كنت في باريس واستندت فيها إلى قراءتي الفلسفية في تلك الفترة.
كانت هذه المقالة بمثابة نقطة تحول بالنسبة لي، ففتحت جسورًا وآفاقًا جديدة لمناقشة مسار النبوات العبرانية وتأثيرها على الفلسفة الغربية، وكيف أثرت في سياق الاستعمار والعنصرية. بدأت بالتفكير في فصلين نقديين في مشروعي الأول، وهو كتاب “النبوة والشعر”، ولكنها لم تكن سهلة الفهم بما يكفي، كما لاحظ درويش.
تحولت هذه الفكرة إلى كتاب “أميركا والإبادات الجماعية” بفضل درويش، الذي غذّاني بالشغف والإلهام. بدأت أيضًا بنشر مقالات في مجلة “الكرمل” حول مصير الهنود الأحمر، واكتشفت في مكتبة الكونغرس كتابًا مهمًا لتوماس مورتن يساعدني في فهم التاريخ القديم للهنود الحمر.
ومع الوقت، كنت أطرح الأسئلة الصعبة حول مصير الهنود الأحمر في أميركا، وكانت الأيديولوجية الإنجليزية تلك التي حملها المستعمرون هي المسؤولة عن الكوارث التي حلت بهم. إنها أيديولوجية قائمة على ثلاثة عناصر رئيسية: احتلال الأرض، واستبدال الشعب، واستبدال الثقافة والتاريخ. هذه الأفكار شكلت أساسًا لفهمهم لما سموه “إسرائيل الجديدة”، وهو مفهوم مشتق من الفكرة الأسطورية لـ “إسرائيل” في العهد القديم.
كل هذه الأفكار والاكتشافات دفعتني إلى تقديم تحليلات موسعة ونقدية، ما أدى في النهاية إلى إعادة صياغة الأسئلة الجذرية حول الهوية والعنف والدين في تاريخ البشرية.