بلومبيرغ: حظر إسرائيل للعمال الفلسطينيين يضر باقتصادها
توقفت أعمال البناء في إسرائيل بشكل كامل نتيجة استمرار حظر دخول العمال الفلسطينيين، وذلك على خلفية عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال في منطقة غلاف غزة في أكتوبر الماضي. يُعكس قطاع البناء والتشييد الآن الأزمة الاقتصادية المصاحبة للحرب، وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.
وبحسب التقرير، فإن الانفصال “المؤلم” بين الاقتصاديين الإسرائيلي والفلسطيني يهدد بشكل كبير الحياة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية. فقد بدأت شركات البناء الإسرائيلية في البحث بشكل مكثف عن عمال من الخارج لتعويض نقص اليد العاملة الفلسطينية، ومن المتوقع أن يستغرق هذا التحول عامًا على الأقل.
وقد أشارت توقعات الصناعة إلى أن أكثر من ثلثي العمال الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل قبل الحرب كانوا يعملون في قطاع البناء.
في الوقت الحالي، فإن غياب العمال الفلسطينيين يكلف الإنتاج في إسرائيل خسائر تقدر بـ 3 مليارات شيكل شهريًا، ويشهد معدلات البطالة في الضفة الغربية ارتفاعًا ملحوظًا إلى أكثر من 30٪.
وقبل الحرب، كان يعمل خُمس سكان الضفة الغربية في إسرائيل أو مستوطناتها، وكانوا يحصلون على أجور تفوق متوسط الأجور المحلية بمرتين. وقدرت الأمم المتحدة إجمالي دخلهم بحوالي 4 مليارات دولار، أي ربع الناتج المحلي الإجمالي.
علاوة على ذلك، فقد شهدت معدلات توظيف العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية في إسرائيل زيادة تدريجية خلال العقدين الماضيين، بسبب الطلب المتزايد على العمال ذوي الأجور المنخفضة في إسرائيل.
ومنذ عام 2005، تم إغلاق حدود قطاع غزة مع إسرائيل، ولم يُسمح إلا لعدد محدود جدًا من العمال بدخول إسرائيل في السنوات الأخيرة.
ماذا بعد؟
وفقًا لتقرير نشرته مجلة “بلومبيرغ”، تواجه إسرائيل تحديات اقتصادية جسيمة نتيجة لمنع عمالة فلسطينية من دخول أراضيها. هذا الأمر يُعتبر مصدر قلق للعديد من الأطراف، حيث يُعرض عدم التوصل إلى حل لهذه المشكلة التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية للخطر.
يتبنى الأمن الإسرائيلي وجهة نظر مختلفة، إذ كان يحرص حتى قبل الأحداث الأخيرة على الحفاظ على فرص العمل للفلسطينيين حتى في الظروف الصعبة، ومن ثم يُوصى الآن بعودة تدريجية لهم لتحقيق الاستقرار في المناطق الفلسطينية. لكن حكومة بنيامين نتنياهو تبدو متجاهلة لهذه الدعوات، وهو ما يثير انقسامًا في الرأي الإسرائيلي.
تأثرت القطاعات الاقتصادية المختلفة في إسرائيل بشكل كبير جراء هذا الوضع، حيث فقد قطاع البناء نحو 40% من العمال الفلسطينيين، مما أدى إلى توقف مشاريع البنية التحتية والإسكان بشكل جزئي.
وبالرغم من أن البناء يُمثل نسبة قليلة من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، فإن تأثير هذا النقص في العمالة الفلسطينية يعتبر كبيرًا، حيث يُقدر بأنه قد يتسبب في خسائر تصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات القادمة.
تجدر الإشارة إلى أن تراجع قطاع البناء قد أثّر أيضًا على الصناعات الأخرى، مما أدى إلى انخفاض في مبيعات الشركات المحلية التي تعتمد على توريد مواد البناء. كما من المتوقع أن يرتفع سعر العقارات، مما يزيد الضغط على المستأجرين وأصحاب المنازل.
من المهم أيضًا أن نعي أن الآثار الاقتصادية السلبية قد تنتقل إلى القطاع المصرفي، حيث يُعتبر قطاع البناء والعقارات مصدرًا رئيسيًا للقروض في البنوك الكبرى في إسرائيل، مما يعني أن أزمة قطاع البناء قد تؤثر على استقرار القطاع المصرفي بشكل عام.