اقتصاد

صراع البنوك بين عدن وصنعاء يهدد بانهيار الهدنة في اليمن

تصاعدت حدة الحرب الاقتصادية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين، مما يهدد بانهيار الهدنة العسكرية غير المعلنة منذ أبريل/نيسان 2022، التي جاءت بعد سبع سنوات من القتال المحتدم.

يشهد اليمن انقساماً نقدياً بالإضافة إلى الانقسام السياسي والعسكري، إذ يتواجد بنكان مركزيان: الأول تديره الحكومة في عدن ويتعامل بأوراق نقدية حديثة حيث يبلغ سعر الدولار الأميركي 1760 ريالاً، والثاني في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين ويستخدم أوراقاً نقدية أقدم بسعر 531 ريالاً للدولار.

في تصعيد جديد، أوقف البنك المركزي في عدن تعامله مع ستة من أكبر البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين بعد رفضها نقل مقراتها إلى عدن، ورد البنك المركزي في صنعاء بوقف التعامل مع 12 بنكاً في مناطق نفوذ الحكومة.

يحظى البنك المركزي في عدن باعتراف دولي، مما يمنحه القدرة على الوصول إلى شبكة “سويفت” العالمية، وهو الجهة الوحيدة التي تستطيع البنوك المحلية من خلالها تمويل عمليات الاستيراد. بالمقابل، يستمد البنك المركزي في صنعاء قوته من وجود البنوك الرئيسية في مناطق سيطرته، مما يمكنه من التحكم بالأنشطة المالية داخل اليمن. وكان البنك المركزي في صنعاء قد منع البنوك المحلية من مشاركة بياناتها مع البنك المركزي في عدن.

في مؤتمر صحفي، قال محافظ البنك المركزي للحكومة أحمد المعبقي إن “البنوك خضعت لضغوطات جماعة مصنفة إرهابية وفشلت في توفيق أوضاعها خلال المهلة المحددة لنقل مقراتها إلى عدن”. وتوعد بإجراءات أشد ضد الحوثيين، متهماً إياهم بتدمير وتسييس القطاع المصرفي وطبع عملة جديدة وتجميد ومصادرة حسابات المواطنين.

وفيما قد يضيف هذا الصراع متاعب معيشية جديدة على اليمنيين، يقول المواطن حسين العصيمي إنه لم يعد يهتم بهذه القرارات، مشيراً إلى واقع اليمنيين الذين يعيشون دون رواتب منذ سبع سنوات ويعانون من الفقر والجوع والمرض.

لكن رئيس جمعية البنوك في اليمن، محمود ناجي، يقول إن هذا الصراع سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بسبب تعطل عمل البنوك التجارية في تحويل الأموال لشراء واستيراد السلع. وقد أبلغت شركة موني جرام للتحويلات المالية البنوك اليمنية بضرورة الحصول على عدم ممانعة من البنك المركزي في عدن للاستفادة من عملياتها، مما سيعقد تحويلات المغتربين التي تمثل شريان حياة للملايين في اليمن.

بررت الحكومة اليمنية قرارها المتعلق بمطالبة البنوك بنقل مقراتها إلى عدن بأنه قرار سيادي لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها الشرعية. وقال مصدر في الحكومة اليمنية إن هذه القرارات جاءت كرد على الحوثيين الذين بدأوا حرباً اقتصادية على الحكومة منذ 2020، حين حظروا تداول الأوراق النقدية الجديدة وقصفوا موانئ تصدير النفط.

واتهم الحوثيون الولايات المتحدة وداعميها بالوقوف وراء التطورات المصرفية، واعتبر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أن الضغط على البنوك في صنعاء هو محاولة لدعم العدو الإسرائيلي. وهدد بعودة الصراع قائلاً إن البعض يخدمون العدو الإسرائيلي على حساب أمنهم وسلامهم.

رأى العقيد رشاد الوتيري، الضابط بالتوجيه المعنوي في صنعاء، أن إجراءات البنك في عدن تأتي في إطار التصعيد الأميركي البريطاني ضد الحوثيين. وتوقع أن تشعل هذه الخطوات الحرب الاقتصادية نار الحرب العسكرية مجدداً، مشيراً إلى أن الموقف الحوثي سيزداد قوة ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما.

على الرغم من الصراع والانقسام النقدي، كانت هناك تفاهمات اقتصادية سابقة قادها المبعوث الأممي لتوحيد السياسة النقدية، غير أن التطورات الأخيرة قد تعيد الملف إلى نقطة البداية. وقال محمود ناجي إن المصارف تعمل في ظروف صعبة ولم تكن طرفاً في الصراع السياسي، بل تسعى للحفاظ على أموال المودعين وتقديم الخدمات المالية للشعب اليمني الذي يعاني من واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى