اقتصاد
هل يحق للدول الكبرى منح أموال روسيا إلى أوكرانيا؟
اتفقت الدول السبع الكبرى، اليوم الخميس، على إقراض أوكرانيا 50 مليار يورو مأخوذة من الأموال الناتجة عن الأصول الروسية المجمدة. ومن المتوقع أن تبدأ هذه المساعدات الجديدة بالوصول إلى أوكرانيا بحلول نهاية العام. ستستخدم كييف هذه الأموال لتعزيز دفاعها العسكري ضد روسيا، وتمويل إعادة إعمار البنية التحتية، ودعم ميزانية الدولة الأوكرانية.
يعتبر استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا مسألة معقدة قانونياً، ولها أبعاد أخلاقية وسياسية كبيرة. هذا القرار يواجه تحديات قانونية ودبلوماسية كبيرة، وقد يتطلب قرارات قضائية أو تشريعية خاصة لتأكيد شرعيته.
حجج المؤيدين
- عقوبة ضرورية: ترى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أن تجميد الأصول الروسية كان عقوبة ضرورية لحرب روسيا على أوكرانيا، وأن استخدام هذه الأموال لمساعدة أوكرانيا هو تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بها.
- الحجج القانونية: يجادل بعض الخبراء القانونيين بأن العقوبات تسمح بتحويل الأموال المجمدة لأغراض محددة مثل المساعدة الإنسانية أو إعادة الإعمار، ما دام تم ذلك بشكل شفاف وخاضع للمساءلة.
- السوابق: يشير خبراء إلى أمثلة سابقة تم فيها استخدام أموال مجمدة من دول أخرى لتمويل جهود إعادة الإعمار، مثل في يوغوسلافيا والعراق.
- تعويض مشروع: يعتبر البعض أن تجميد الأصول الروسية كان عقوبة مفروضة على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، واستخدام هذه الأموال لتعويض أوكرانيا عن الأضرار التي لحقت بها هو أمر مشروع. يشير المؤيدون إلى أن الأموال المجمدة مملوكة للدولة الروسية وليست ملكية خاصة، وبالتالي فإن استخدامها لا يعد مصادرة للأموال الفردية.
موقف المعارضين
- رفض روسي: ترفض روسيا بشدة هذه الخطوة، وتعتبرها سرقة لأموالها وانتهاكًا للقانون الدولي.
- مخاوف قانونية: يرى خبراء أن مصادرة الأصول دون حكم قضائي تمثل سابقة خطيرة قد تقوض حقوق الملكية الخاصة وتفتح الباب لسوء الاستخدام. كما يشيرون إلى عدم وضوح الأساس القانوني لاستخدام الأموال المجمدة دون موافقة روسية، خاصة في ظل عدم وجود قرار من مجلس الأمن الدولي.
- التأثير على الاستقرار المالي: تحذر بعض الدول من أن استخدام الأموال المجمدة قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار المالي العالمي وتقويض الثقة بالنظام المالي الدولي.
- سابقة خطيرة: يحذر منتقدون من أن استخدام الأصول الروسية المجمدة قد يشكل سابقة خطيرة لانتهاك حقوق الملكية، مما قد يشجع على مصادرة الأموال في المستقبل لأغراض سياسية.
- مجلس الأمن: يشير المعارضون إلى أن الأموال المجمدة تخضع للقوانين الدولية، وأن استخدامها يتطلب موافقة من مجلس الأمن الدولي، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
- تصعيد التوترات: يعبر الرافضون لقرار الدول الكبرى عن قلقهم من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين روسيا والدول الغربية.
سوابق قانونية لاستخدام الأصول المجمدة
- العراق بعد حرب الخليج: بعد حرب الخليج الأولى (1990-1991)، تم تجميد أصول عراقية في عدد من الدول، ولاحقاً استخدمت بعض من هذه الأصول للمساهمة في تعويضات برنامج “النفط مقابل الغذاء” الذي أطلقته الأمم المتحدة.
- ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي: بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011، جُمدت أصول ليبية في العديد من الدول، وأفرج عن بعضها لاحقًا لدعم الحكومة الليبية الجديدة في جهود إعادة الإعمار.
- الأصول الإيرانية المجمدة: في بعض الحالات، تم استخدام الأصول الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة لأغراض إنسانية أو لتعويض ضحايا الهجمات الإرهابية. مثال على ذلك هو قرار محكمة أميركية في 2016 باستخدام بعض الأصول الإيرانية لتعويض ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
- أفغانستان: بعد سقوط حكومة طالبان في 2001، تم تجميد أصول أفغانية في الخارج، واستخدمت بعض هذه الأصول لدعم الحكومة الأفغانية الجديدة وللأغراض الإنسانية.
القيود القانونية والسياسية على استخدام الأصول المجمدة لدعم أوكرانيا
- القانون الدولي:
- اتفاقيات جنيف: تنص على حماية ممتلكات الدولة أثناء النزاعات المسلحة، وقد يتم تفسير استخدام الأصول المجمدة كخرق لهذه الاتفاقيات.
- قرارات الأمم المتحدة: قد تتطلب بعض الأصول المجمدة قرارات محددة من مجلس الأمن للإفراج عنها أو استخدامها لأغراض معينة.
- القوانين الوطنية:
- التشريعات المحلية: في العديد من الدول، تحتاج عملية استخدام الأصول المجمدة إلى موافقة قضائية أو تشريعية. بدون هذه الموافقات، يكون من الصعب قانونياً تحويل الأصول لدولة أخرى.
- القيود القضائية: يمكن للكيانات المتضررة (مثل الحكومة الروسية أو الشركات الروسية) رفع دعاوى قضائية للطعن في استخدام الأصول المجمدة، مما قد يؤدي إلى تأخير أو منع استخدامها.