انفاق الشرق الأوسط على الأمن السيبراني يصل إلى 3.3 مليارات دولار في عام 2024
يتميز الشرق الأوسط بالتعرض المميز للهجمات السيبرانية نظرًا لأهميته الإستراتيجية، وتواجد البنية التحتية الحيوية مثل منشآت النفط والغاز والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى الوكالات الحكومية. ونتيجة لذلك، يتوقع استمرار الطلب على حلول الأمان وإدارة المخاطر في المنطقة.
ووفقًا لتقرير صادر عن “ماركيتس آند ماركيتس”، من المتوقع أن يشهد سوق الأمن السيبراني في الشرق الأوسط نموًا كبيرًا، حيث يُتوقع أن يرتفع من 15.6 مليار دولار عام 2020 إلى 35.4 مليار دولار بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 15.2%.
كما أن اعتماد مبادرات الحوسبة السحابية والتحول الرقمي في المنطقة يعزز الحاجة إلى الأمان السحابي، حيث يحتاج المزيد من الشركات التي تُنقل عملياتها إلى السحابة إلى ضمان أمان بياناتها وتطبيقاتها من التهديدات السيبرانية.
وفي هذا السياق، تتوقع دراسة لـ “سايبر سيكيورتي فنتشرز” أن يتجاوز الإنفاق العالمي على حلول الأمن السحابي 12 مليار دولار بحلول عام 2024، مقارنة بـ 5.6 مليارات عام 2018، ويُظهر الاستخدام المتزايد للأجهزة المحمولة وإنترنت الأشياء تحديات أمنية جديدة.
مع زيادة عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت، يزداد عدد نقاط الدخول المحتملة التي يمكن للمهاجمين استغلالها، مما يدفع بالحاجة إلى حلول تأمين هذه الأجهزة وحمايتها من التهديدات المحتملة.
وتقدر تقارير من “غارتنر” أن عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت سيصل إلى 25 مليار جهاز بحلول عام 2021، مقارنة بـ 11 مليارا في عام 2018، مما يُشير إلى وجود سطح هجوم ضخم للمجرمين الإنترنتيين.
من الملفت للانتباه أن المنطقة، كغيرها من مناطق العالم، تعاني من نقص في المواهب في مجال الأمن السيبراني، مما يجعل من الصعب على المؤسسات إدارة احتياجاتها الأمنية وإدارة المخاطر بفعالية.
لكن من الجانب الإيجابي، تخلق هذه الفجوة فرصًا لمقدمي خدمات الأمان وغيرهم من مزودي الخدمات الأمنية الخارجية لتقديم خدماتهم للشركات في المنطقة.
ووفقًا لتقرير “فروست آند سوليفان”، من المتوقع أن يصل حجم سوق الخدمات الأمنية عالميًا إلى 47.65 مليار دولار بحلول عام 2023، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 14.7% من عام 2018 إلى 2023.
مشهد متطور وشركات ناشئة
يعتبر الشرق الأوسط موطنًا للعديد من الشركات الناشئة والمبتكرة في مجال الأمن السيبراني، التي تسعى جاهدة لتطوير حلول متقدمة لمواجهة التحديات الأمنية الفريدة في المنطقة. تجذب هذه الشركات الاستثمارات من الأفراد والمؤسسات المالية سواء محليًا أو دوليًا، وتلعب دورًا حيويًا في تعزيز نمو صناعة الأمن السيبراني في المنطقة.
ووفقًا لتقرير صادر عن “ماغنت”، يُعتبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موطنًا لأكثر من 150 شركة ناشئة في مجال الأمن السيبراني، حيث شهدت هذه الشركات زيادة في استقطاب الاستثمارات بنسبة تفوق 60% خلال السنوات الخمس الماضية.
وتشهد المنطقة أيضًا تزايدًا في التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص لمواجهة التحديات الأمنية السيبرانية. حيث تعمل حكومات المنطقة على تطوير استراتيجيات وأطر وطنية للأمن السيبراني، بالإضافة إلى إقامة شراكات مع المؤسسات الخاصة لتبادل المعرفة والخبرات.
ولا تخلو المنطقة من التوترات الجيوسياسية التي تشكل تحديات جديدة على الأمن السيبراني، حيث يتم استخدام الهجمات السيبرانية بشكل متزايد في الأعمال العسكرية والتجسسية، مما يجعل المنطقة هدفًا للهجمات التي يقف وراءها الدول.
فيما يتعلق بالإنفاق على البنية التحتية السيبرانية، توقعت “غارتنر” نموًا بنسبة 12.1% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول عام 2024، ليصل الإنفاق الإجمالي إلى 3.3 مليارات دولار. ويعزى هذا النمو إلى التطورات التنظيمية والتهديدات المتزايدة من الهجمات الإلكترونية، مما يدفع قادة إدارة المخاطر في الأعمال إلى زيادة الإنفاق على التدابير الأمنية وتحسين الدفاعات بشكل استباقي باستخدام التقنيات المتقدمة.
ومن المتوقع أن يشهد الإنفاق على خصوصية البيانات في المنطقة أعلى معدل نمو بين القطاعات، بزيادة تصل إلى 24% سنويًا في عام 2024. ومع اعتماد بيئات السحابة المتعددة، يزداد التعقيد الأمني، مما يعزز الطلب على حلول الكشف والاستجابة المستندة إلى السحابة، مثل أدوات اكتشاف النقاط الطرفية والاستجابة للحوادث والإدارة.
ومع ظهور الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، تتزايد التحديات أيضًا. حيث يعمل النمو السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي على توسيع نطاق التهديدات، ويتسبب في اضطرابات كبيرة في القطاعات الرقمية والأعمال. ومن المتوقع أن يؤدي ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى زيادة كبيرة في موارد الأمن السيبراني المطلوبة لتأمينه، مما يتطلب إنفاقًا إضافيًا بنسبة تزيد على 15% على التطبيقات وأمان البيانات بحلول عام 2025.
ينبغي على مديري تكنولوجيا المعلومات تسليط الضوء على اثنين من الاتجاهات الرئيسية في مجال الأمن السيبراني، وذلك لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي التوليدي بفعالية، بالإضافة إلى التعامل مع العوامل الخارجية الأخرى مثل نقص الأمان والمواهب، والمخاوف التنظيمية المتزايدة، والانتقال السريع إلى التكنولوجيا السحابية. ويهدف هذان الاتجاهان إلى تعزيز المرونة التنظيمية وتعزيز أداء وظيفة الأمن السيبراني.
يتمثل الاتجاه الأول في استكشاف إمكانيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يتم تضمين تطبيقات النماذج اللغوية الكبيرة (LLM) في خطط العمل لعدد من الشركات وأقسام تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني.
يُفتح الذكاء الاصطناعي التوليدي أبوابًا جديدة لهجمات القرصنة، مما يتطلب من قادة الأمن استعدادا للتصدي لها. ويجب على برامج أمن التطبيقات والبيانات التكيف مع هذا الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا لتحقيق الأهداف. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات تطبيق سياسات تنظم استخدام التطبيقات ذات الذكاء الاصطناعي هذا، وتطوير برامج تدريب وتوجيه لموظفيها.
يُساعد ذلك في تقليل الاستخدام غير المصرح به للذكاء الاصطناعي التوليدي، وتقليل مخاطر انتهاك الخصوصية وحقوق الطبع والنشر. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات تحديث ممارساتها المتعلقة بأمن التطبيقات والبيانات لمواجهة الهجمات الجديدة، مثل المطالبات أو طبقات التنسيق المستخدمة للتحكم في نماذج الذكاء الاصطناعي.
أما الاتجاه الثاني، فيتعلق ببرامج السلوك والثقافة الأمنية، حيث يمكن أن يُضخم إضفاء الطابع الشعبي على الذكاء الاصطناعي التوليدي التحديات الأمنية التي تواجهها المؤسسات. كما يُمكن لهذا الطابع الشعبي أن يمنح الموظفين الوصول غير المقيد إلى قدرات تقنية قوية، مما قد يؤدي في حالة الاستخدام غير السليم إلى اختراق البيانات.