تقنية

الذكاء الاصطناعي قد يعوق الوصول إلى حضارات ذكية أخرى

خلال السنوات القليلة الماضية، لم يعد حضور الذكاء الاصطناعي مقتصرًا على مراكز الأبحاث العلمية والمختبرات، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للعديد من الناس، مع تزايد التغلغل في أنشطة الإنسان الحديث.

يطمح العديد من الخبراء والعلماء إلى جعل الذكاء الاصطناعي أداة أكثر فعالية وقوة بتحويله إلى ذكاء اصطناعي فائق، يتفوق على القدرات العقلية البشرية في التحليل والحفظ والاكتشاف. لكن هناك جمهور آخر من العلماء يخشى أن هذا قد يحد من نمو وتطور الحضارة البشرية.

أشار عالم الفلك الأسكتلندي مايكل غاريت في دراسته الحديثة إلى بعض انعكاسات هيمنة الذكاء الاصطناعي ودوره في تهديد عجلة النمو الحضاري. وركز في دراسته على كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي في تقليص فرص البشر في التواصل مع أي حضارة ذكية أخرى في الكون.

ربط غاريت ظهور الذكاء الاصطناعي باحتمالية مرور البشر الآن في إحدى اللحظات الحرجة، مستشهداً بفرضية “المصفاة العظيمة”، وهي عتبة افتراضية يصعب للغاية عبورها للانتقال إلى المرحلة التالية في سلم النمو الحضاري.

وتعد فرضية المصفاة العظيمة أحد الحلول التي تفسر مفارقة فيرمي، التي تساءل فيها العالم الإيطالي إنريكو فيرمي عن سبب عدم العثور على أي علامة لحضارة أخرى رغم اتساع الكون واحتوائه على مليارات الكواكب القادرة على احتضان الحياة. فلو كان أحد هذه الكواكب متقدماً بما يكفي، لتمكن من التواصل معنا. وبالنظر إلى عمر كوكبنا الذي يبلغ 4.5 مليارات سنة، فإن كوكباً أقدم بألف سنة فقط يمكن أن يمتلك قدرات متطورة جداً مقارنة بحضارتنا.

ورداً على سؤال فيرمي، يجيب بعض الباحثين بأن نمو وازدهار الحياة إلى مستوى متقدم ليس بالأمر السهل، بسبب وجود تحديات كبيرة تعترض طريق الحياة منذ نشأتها وحتى بلوغ مستوى الحياة العاقلة، مما يقلل من عدد الحضارات المتقدمة في مجرتنا والكون بأسره.

يقول غاريت إن الذكاء الاصطناعي الفائق قد يكون مصفاة عظيمة لحضارتنا، مما قد يحد من قدرة البشر على تجاوز عنق الزجاجة نحو المحطة التالية بسهولة. وربما يكون الذكاء الاصطناعي الفائق أحد العوامل التي تمنع البشرية من المضي قدماً لاكتشاف العوالم الأخرى.

ويرى غاريت أن طبيعة الذكاء الاصطناعي الفائق في تعزيز قدراته بسرعة تفوق قدرة البشر على التطور والتعلم ستحد من سيطرة الإنسان على هذه الأدوات. ويعتقد أن الأخطاء الفادحة غير المقصودة التي قد تؤدي إلى تدمير الحضارة البشرية باتت أمراً وارداً، خاصة إذا اعتمدت الدول بشكل متزايد على أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقلة في منظوماتها العسكرية، مما قد يؤدي إلى حدوث حالات من القتل والتدمير على نطاق واسع وغير مسبوق في تاريخ البشرية.

وبالنظر إلى هذا السيناريو، تشير الدراسة إلى أن العمر الطبيعي للحضارة في مثل هذا السياق لن يتجاوز 100 عام، وهي فترة وجيزة للغاية في سلم النهوض الحضاري. خاصة أن محاولات التواصل مع الأكوان البعيدة عبر موجات الإشارات الراديوية بدأت فقط في السبعينيات من القرن الماضي، مما يجعل فرص حضارتنا الحالية في التواصل مع حضارات أخرى شبه معدومة.

ولا تُصوّر الدراسة نهاية مأساوية تنتظر البشرية خلال العقود القادمة فحسب، بل تقدم تحذيرات للمعنيين بأهمية وضع معايير محكمة لضبط عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المجالات العسكرية، نظراً لوجود سوابق باستخدام أسلحة فتاكة في حالات الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى